قد تكون علاقتي الشخصية مع أم كلثوم علاقة غريبة إلى حد ما، أم كلثوم هي ذلك الصوت الذي يأتيك على حين غرة، يقوم بضربك في الحائط أنت ومشاعرك الغبية، يحملك إلى أماكن لا يستطيع أخذك إليها أي صوت آخر، وقد يكون في أكثر درجات التأثير عندما يأتيك هذا الصوت بدون قرار منك، أغنية شاردة في إذاعة ما، أو من مقهى على الطريق، يوقظ فيك ما كنت قد تناسيت، ويرجعك لذروة إحساسك مرة أخرى.
أعتقد جازماً أن لا شريك لقلب محب أفضل من “الست”، وكيف يعرف الحب حقاً من لم يأرق مستمعاً لروحه تحترق بين الخوف والرغبة في “أغداً ألقاك” منتظراً موعده الأول، ومن لم يرقص قلبه فرحاً كطفل مع الست وهي تقول: ” ابتديت دلوقتِ بس، أحب عمري”. ولست أعرف كيف يستطيع شخص لم يرافق الست أن يدّعي أنه قد أحب يوما ما.
في كل وقت، وفي كل مراحل أي علاقة تكون أم كلثوم هي الرفيق الذي يشعل مشاعرنا المختلفة ويطلق عنان قلوبنا وكأنما خلقت الست لتذكرنا على الدوام بأننا مجرد كائنات ضعيفة لا حول لها ولا قوة أمام هذا الشيء الغريب الذي يجتاح أرواحنا، في كل بداية ونهاية، في كل أمل وخيبة، تلعب أم كلثوم دور الضمير في قلوبنا وصوت الست وهي بتقول : “هو صحيح الهوى غلاب؟؟! …. معرفش أنا “. يغلبنا دوما كما غلبنا الهوى المرة تلو الأخرى، حتى أصبحنا نخاف من قلوبنا خشيتنا من الموت، ولكن ما هو الموت سوى أن يدق هذا القلب بدون أحد يدق له، وإن كانت الست لا تعرف حقا، فنحن نعرف. نعرف تماماً أن الهوى غلاب، ولم يغلبنا على طول العمر غيره.
وازاي يا ترى … أهو ده الي جرى … وأنا أنا أنا معرفش … معرفش أنا.
السيدة تسمع في كل وقت، أذكر أنني كنت أستيقظ على صوتها، أقوم بواجباتي البيتية، والجامعية، والعملية، وأنا أستمع إليها…
كنت أتوقع أن تقول شيئا عن لمعة العين، أو الدموع المنسكبة إثر الكلمة، واللحن والآه…
علمتني أم كلثوم ألا ألوم محبا، فهو يرى ما لا يرونه…
سلام عليك وعلى نصك، في انتظار نصوص أخرى