هو صحيح الهوى غلاب ؟ … معرفش أنا!

قد تكون علاقتي الشخصية مع أم كلثوم علاقة غريبة إلى حد ما، أم كلثوم هي ذلك الصوت الذي يأتيك على حين غرة، يقوم بضربك في الحائط أنت ومشاعرك الغبية، يحملك إلى أماكن لا يستطيع أخذك إليها أي صوت آخر، وقد يكون في أكثر درجات التأثير عندما يأتيك هذا الصوت بدون قرار منك، أغنية شاردة في إذاعة ما، أو من مقهى على الطريق، يوقظ فيك ما كنت قد تناسيت، ويرجعك لذروة إحساسك مرة أخرى.

أعتقد جازماً أن لا شريك لقلب محب أفضل من “الست”، وكيف يعرف الحب حقاً من لم يأرق مستمعاً لروحه تحترق بين الخوف والرغبة في “أغداً ألقاك” منتظراً موعده الأول، ومن لم يرقص قلبه فرحاً كطفل مع الست وهي تقول: ” ابتديت دلوقتِ بس، أحب عمري”. ولست أعرف كيف يستطيع شخص لم يرافق الست أن يدّعي أنه قد أحب يوما ما.

في كل وقت، وفي كل مراحل أي علاقة تكون أم كلثوم هي الرفيق الذي يشعل مشاعرنا المختلفة ويطلق عنان قلوبنا وكأنما خلقت الست لتذكرنا على الدوام بأننا مجرد كائنات ضعيفة لا حول لها ولا قوة أمام هذا الشيء الغريب الذي يجتاح أرواحنا، في كل بداية ونهاية، في كل أمل وخيبة، تلعب أم كلثوم دور الضمير في قلوبنا وصوت الست وهي بتقول : “هو صحيح الهوى غلاب؟؟! …. معرفش أنا “. يغلبنا دوما كما غلبنا الهوى المرة تلو الأخرى، حتى أصبحنا نخاف من قلوبنا خشيتنا من الموت، ولكن ما هو الموت سوى أن يدق هذا القلب بدون أحد يدق له، وإن كانت الست لا تعرف حقا، فنحن نعرف. نعرف تماماً أن الهوى غلاب، ولم يغلبنا على طول العمر غيره.
وازاي يا ترى … أهو ده الي جرى … وأنا أنا أنا معرفش … معرفش أنا.

بالعنادة وبالعباطة وبالهبل

بالعنادة وبالعباطة وبالهبل … 
خليه يضل عندي أمل … 
أصل الأمل بفتح شبابيك للفضا … 
قد الفضا … بيزرع شوارعنا قبل … 
بالعنادة وبالعباطة وبالهبل … 

صبح يشد … 
يقطع يمد … 
والدور داير على أبوابه يسد … 
دنية تنابل هذي حاكمها الخبل … 
بالعنادة وبالعباطة وبالهبل … 

كل ما مرت علي نسمة هوا … 
بقلب ولد … 
بعمل من الحارة بلد … 
بفرح فرح … ما فرحه يوم حد انولد … 
بس لما تخلص فرحتي …  
يبقى الصبر … صبر الجمل…. 
بالعنادة وبالعباطة وبالهبل…

واقف ولد …
تحت الشمس …
مثل الوتد …
يجري جري مثل الغزال …
يهجم ولا تقولوا أسد …
ولما يتعب من الجري …
يولِّع عجَل…
بالعنادة وبالعباطة وبالهبل…

بين الزتون، وقف وبيعد الفشك …
سمرا البارودة معفرة…
طلعت من بيوت التنك …
ولع تتن … شد وترك …
ورصاصه زغرد في الجبل …
بالعنادة وبالعباطة وبالهبل…

الأولة وحدك

‏الاولة وحدك .. 
والتانية حدوتة … 
والتالتة هتشكي لمين؟

الأولة وحدك مفيش أصحاب … 
والتانية حدوتة آخرها خراب … 
والتالتة هتشكي لمين؟ حبيبك غاب…

‏الأولة وحدك مفيش أصحاب، ولا عندك أمل تلقى صحاب تانيين…
والتانية حدوتة آخرها خراب، وتزهق من الشكوى ومن اللايمين … 
والتالتة هتشكي لمين؟ … حبيبك غاب وبعد ما كنتم سوا بقيتوا اتنين…

‏الأولة وحدك مفيش أصحاب، ولا عندك أمل تلقى صحاب تانيين، وليه تلقى … 
والتانية حدوتة آخرها خراب، وتزهق من الشكوى ومن اللايمين، وتتعود على الفرقة… 
والتالتة هتشكي لمين؟ … حبيبك غاب وبعد ما كنتم سوا بقيتوا اتنين، محدش في الزمن يبقى ..

‏الأولة وحدك مفيش أصحاب، ولا عندك أمل تلقى صحاب تانيين، وليه تلقى وكل الي التقوا سايبين؟
والتانية حدوتة آخرها خراب، وتزهق من الشكوى ومن اللايمين، وتتعود على الفرقة وتصبح تتلهي بتفانين.
والتالتة هتشكي لمين؟ حبيبك غاب وبعد ما كنتم سوا بقيتوا اتنين، محدش في الزمن يبقى، وليه تفكر بناس ناسيين؟

وحيد برفقة الآخرين

عن أثر التنازلات الفردية الطفيفة على مستقبل الجماعة

عن أثر التنازلات الفردية الطفيفة على مستقبل الجماعة، في نقاش بسيط بيني وبين رفيق لي حيث تمت مهاجمة موقفي الراديكالي من أي تعامل لأي فرد مع الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته، حيث دار النقاش حول موقفي الرافض لأي نوع من التنازلات، بدءاً بزيارة البلاد عن طريق استصدار تصريح دخول أو تأشيرة  وصولاً إلى التعامل المباشر مع مؤسسات الاحتلال الثقافية والاجتماعية، والتعامل التجاري، الأكاديمي، الثقافي، السياسي والمجتمعي. حيث أخذ الرفيق المذكور أعلاه موقفاً مبرراً للتنازلات الفردية المتمثلة في زيارة البلاد والأقارب عن طريق استصدار تأشيرة أو تصريح دخول وموقفاً متلطفاً من زيارات المجموعات الثقافية والفنية للبلاد وذلك لأن ” الناس بدها تعيش”، وطارحاً الكثير من الأسباب الإنسانية المقنعة لهذه التنازلات الفردية، وحيث أنني لا أجد في نفسي شخصاً جديراً في أن يفرض رأيه على أحد، فإنني وقبل أن أقوم بتوضيح وجهة نظري أشير إلى أنني لا أوجه إصبع الاتهام إلى أحد، ولا أوجه لومي وانتقادي لكل من قرر أن يعيش عن طريق تقديم أي نوع من هذه التنازلات أو المشاركة بها، ولكنني أقدم رأياً فردياً خاصاً، والذي قد لا يكون صحيحاً بالضرورة.

قبل ما يزيد عن ال 10000 سنة وخلال العصر الجليدي الأخير كانت الذئاب تجوب العالم بحثاً عن الطرائد، حيث شح الغذاء وعاشت الذئاب في تلك الحقبة مرحلة صعبة حيث كانت ندرة الطرائد وصعوبة الوصول إليها إحدى المعضلات التي واجهتها هذه الحيوانات، وتتميز الذئاب عن الكثير من الحيوانات بنظامها الاجتماعي الاستثنائي حيث تعيش في قطعان منظمة بطريقة مثيرة للاهتمام وتحمي مناطق نفوذها ومحيط وكرها، وتدافع عن أرضها بشراسة تثير الإعجاب، ولا تقبل الذئاب التعدي على مناطق نفوذها، ولا تتهرب من المواجهة، ولكن في تلك الفترة قررت بعض الذئاب أنها ” بدها تعيش ” وبدأت تحوم حول التجمعات الإنسانية ملتقطة بقايا طعام البشر التي تستطيع الحصول عليها، وبهذا التنازل الطفيف والتحول من حصولها على الغذاء بنفسها عن طريق الصيد إلى الإقتيات على فضلات البشر بدأت قصة التحول المحوري في حياة هذه الذئاب.

لاحظ البشر وجود الذئاب المفترسة من حولهم، بل ولاحظوا أن هذه الكائنات التي كانت مفترسة شرسة في السابق، تحاول تفادي الاحتكاك العنيف معهم، وتبحث في فضلات موائدهم عن طعام يبقيها فأدرك الإنسان أن هذه الذئاب الرهيبة قد عضها الجوع حتى عضت على كرامتها وبدأت في التنازل عن مبادئها مقابل الحياة، وعندها بدأ الانسان بدوره الرئيسي في تحويل الحيوان المفترس الخطر إلى مدافع رئيسي عنه وعن ممتلكاته، فبدأ بالاحتفاظ بفضلات الطعام وتقديمها للذئاب بيده، وإعطاء الحصة الأكبر للذئب الذي يقوم بطلب المساعدة منه، وحرمان الذئاب التي أنفت التعامل مع البشر منه، ومن ثم بدأ الإنسان يقرر من يبقى ومن يموت من هذه الذئاب، حيث كان يختار الذئاب الوفية، المستسلمة له، ويتخلص من كل من تسول له نفسه أن يتوحش، ومع مرور السنين تغيرت الذئاب وأظهرت الصفات التي تناسب البشر من وفاء ووداعة وطاعة عمياء، وفي النهاية استطاع البشر تحويل الذئب المفترس الى كلب بودل، بسبب سلسلة من التنازلات الطفيفة التي قدمها افراد من هذه الذئاب، فقط لأنها “بدها تعيش”.

في رأيي الشخصي لا يجب على أي فرد من أفراد الشعب الفلسطيني، تقديم أي نوع من التنازلات الطفيفة هذه، لأي سبب كان، وإن لم يكن من خيار سوى أن نموت، فليكن ذلك، من الأفضل لنا أن نموت ذئاباً على أن نحيا ككلاب بودل وديعة، لا شيء في الدنيا يمكن أن يبرر تقديم التنازل لمحتل يحاول تدجيننا في كل فرصة، يجب علينا أن لا نخرج هذا العدو من موقعه الطبيعي كشوكة في خاصرة كل فرد منا، تمنعنا من أن نحيا حياة طبيعية نصبو إليها، من أن نلتقي أحبابنا وأن نرى بلاداً أخرجنا منها، من أن نأكل وأن “نعيش” وأن نحلم، فعندما يفقد الذئب أي خيار للحياة، عليه أن يقاتل ليحصل عليها. وعلينا أن نختنق وألا نرى سوى البندقية طريقاً “عشان نعيش”.

كلب وذئب جنبا إلى جنب
المميز

في البدء كانت الكلمة

من الصعب على أي كان أن يقوم بتقديم نفسه في عدد من الكلمات، وقد تكون الكلمة هي الأصعب على الإطلاق، فعندما نقوم بفعل الكتابة نعري جزءاً من أرواحنا لا يمكن كشفه بأي طريقة أخرى، وهنا وفي هذا اليوم أقوم بكشف نفسي لكم، بروح مجردة من كل شيء سوى ذاتها.

اليوم حيث يحتفل الكثيرون بأول أيام عيد الفطر السعيد، بعد بضعة أيام من دخولي في العقد الرابع من العمرـ بعد أن أتممت الثلاثين – وهو السن الذي لم أرغب به البتة – قررت أن يكون موعد إعلاني عن البدء في البوح لكل من أراد أن يقرأ، هنا ستجدونني بدون أقنعة ولا حواجز، لا لشيء لكن لاعتقادي الراسخ بأن على كل منا أن يخرج للعلن في أحد الأيام، وهكذا كان.

في البدء كانت الكلمة، والنهاية هو الصمت. وأن تتكلم هو الفارق الأساسي بين أن تكون موجوداً أو أن تموت، الحياة كلمةـ والمواقف كلمة، من كلمة خلقنا، ومن كلماتنا نخلق عالماً آخر أو نستمر في حيواتنا البائسة. والآن أصبحت روحي كلمة.

وكما الحياة والموت، من الصعب علي أن أتوقف عن الكلام عندما ابتدأت، فالكلام روح والصمت موت، ولكن لا بد لنا من يوم نتوقف فيه عن الحياة وأن نصمت. وهنا في هذه المدونة سأكون حياً قدر ما استطعت، ما دام يمكن ذلك. وكما يبدأ الصغار المشي بخطوات متعثرة، هنا ابدأ مسيري الطويل، وكما يتعلم الأطفال الحياة ممن حولهم، فإنني أنظر لكم طالباً النصح، فإن العالم هو المعلم الأكبر، وكلنا نستطيع أن نكون ذوو شأن في جزء ما.

مروا برفق يا رفاق فإنما هذه أرواحنا التي تنظرون إليها.