منذ أن وقعت أرضنا الفلسطينية تحت هذا الاحتلال الإحلالي، ومغادرة الكثير من ابناء شعبنا الفلسطيني لبلادهم السليبة، وحلم العودة إلى البلاد يجول على الدوام في خاطر كل فلسطيني أبعد عن أرضه قسرا، ومنذ البدايات وعمليات التسلل الى البلاد تؤرق هذا المحتل وتدفعه للبحث عن المتسللين وايقاف عمليات التسلل، التي لم يكن من الضرورة أن تكون لهدف نضالي حتى تسبب مشكلة لهذا الاحتلال، حيث يكفي للفلسطيني ان يحافظ على ارتباطه المكاني والعاطفي مع الارض لكي يخلق معضلة وجودية للمحتل الذي يحاول أن يحل مكانه، فوجود الفلسطيني المرتبط بالمكان يهدد هذا الاحتلال وجوديا كما يهدده الفلسطيني المقاتل تماما.
ومن هنا جرت قداسة الرحلة الى الأرض السليبة، الرحلة التي تخاطر بكل شيء في سبيلها، أن تضع حياتك ومستقبلك في سبيل رشفة ماء من عين البلد، حفنة تراب من ارض القسمة، حبة رمان من رمانة الحوش، او نفس هواء من هواء البلاد المقدس.
يتعرض الفلسطيني في رحلته المستمرة الى البلاد لمختلف المخاطر الممكنة، حيث أن اطلاق النار عليك أو احتجازك وأسرك هو أمر وارد الحدوث، على الرغم من سهولة الدخول النسبية -في الوقت الراهن- والذي يعزيه الجميع لنوع من محاولة تخفيف الضغط على الفلسطيني خوفا من انفجاره المحتوم، ومحاولة لانعاش الاقتصاد الراكد من وقت بداية الجائحة -وهي محاولة غبية برأيي الشخصي حيث أن الفلسطيني الحق لا يقوم بصرف امواله في الداخل-.
ان التسلل الى البلاد بالنسبة للفلسطيني هو تلك العودة المؤقتة للبلاد الحلم، وقد قام الفلسطيني منذ الازل بالتسلل الى فردوسه المفقود، من خلال الفتحات حاليا، من “طريق اللفة” سابقا، من داخل عبارات الصرف وقفزا عن الجدار، الفلسطيني يذهب على الدوام الى بلاده. في طقس روحي مستمر من العودة المؤقتة، تدريب مستمر للعودة الدائمة بديلا عن هذا الوصول المؤقت.
يذهب الكثير من “المرضي عنهم”، الى الداخل عن طريق تصاريح خاصة، بطاقات شخصيات، وتصاريح تجار، وبالعادة يكون هؤلاء من المرضي عنهم او من كبار المسؤولين في منظومة السلطة أو حركة فتح، حيث أن الارتباطين العسكري والمدني وهما اجهزة اصيلة في منظومة السلطة مرتبطان بشكل اساسي مع العدو الاسرائيلي بشكل مباشر، ومن المهزلة بمكان أن من اساسات سلطة تدعي نفسها بالوطنية هو انشاء اجهزة وظيفتها المعلنة هي العمالة وتبادل المعلومات مع اجهزة الاحتلال الامنية والادارية ولكن هذا حديث لوقت لاحق.
سيعود الفلسطيني الى ارضه المسلوبة، سيرجع وهو يحفظ طرقها بالقلب، لن يتوقف ليسأل أحدهم أين الطريق الى البلاد، فهي الطريق المستمر، وهو ابنها العائد على الدوام.