عندما أصبح العامل رقاص ساعة.

اليوم صباحاً، لا أستطيع أن أملأ صدري بالهواء، أضلاعي مرضوضة إثر السعال الشديد في اليومين السابقين، لكنني أقوم لأستحم وأرتدي ثيابي وأخرج نحو الوظيفة التي لا أحبها، لا يمكنني الغياب لهذا اليوم، هناك أمور لا يستطيع غيري فعلها -وهذا كذب- حيث أن مهامي لهذا اليوم متطابقة تماما مع مهام موظفين آخرين يتشاركان معي نفس المسؤولية ولكن لتخصصات مختلفة -لكنه يبقى نفس العمل- ولو أنني متّ لن يتوقف العمل ولن تؤجل مواعيد الاجتماعات والمقابلات للتخصصات التي تقع تحت مسؤوليتي، أنا هنا قابل للاستبدال بكل بساطة، يمكن لأي قرد تم تدريبه لستة اشهر القيام بما يوازي الثمانين بالمئة من العمل الروتيني الذي نقوم به.
إذن لم أذهب إلى العمل في هذه الحالة؟، ما هو الدافع الذي يجبرني على القيام من فراشي بأضلاع موجوعة، ورئة متعبة، وأنف محتقن، ورغبة منعدمة في العمل. ذاهبا كمن يساق إلى مقصلة، إلى وظيفة لا معنى لها، في منظومة كاملة مبنية على اللامعنى.

يمتلك الموظفون مدراء، يمتلك المدراء مدراء آخرون، تمتلكنا جميعا المنظومة، كلنا أدوات تافهة تعمل بشكل غبي لإنتاج ادوات تافهة أخرى، كل منا عبارة عن ترس أو رقاص(بندول) بسيط يعيد نفس العمل البسيط بشكل متكرر، ويتم تحويل عمله من ترس آخر إلى شكل آخر لنصل للنتيجة النهائية وهي الدوران حول أنفسنا لدورة كاملة تساوي يوما كاملا في هذا العالم الممل، لا يمكنك كبندول من إدراك أو معرفة أثر العمل الذي تقوم به على المنظومة، يمتلك المدير وظيفة وحيدة، أن يحافظ على احساسك بأنك مهم، أن يخرج أول كل ساعة من باب مكتبه المكيف، ويصرخ:”كوكو، كوكو” ليستمر البندول والتروس والعقارب في حركاتهم التوافقية البسيطة، لا يمكنك أن تأخذ إجازة طويلة، من سوف يقوم بالعمل؟. سوف ننهار بدونك، يجب علينا أن نهتم بمصلحة المؤسسة، أنت مهم، هل ينقصك شيء ما، طلبت لك علاوة لكن الإدارة العليا لم توافق، إننا نمر في أزمة، يجب أن نجتاز الأزمة سوياً، يجب أن نكبر سوياً، سوف نتقدم معاً، وكل الجمل التي أصبحنا جميعا نعلم أنها بلا معنى، هم يكبرون وحدهم، نحن رقاصات ساعة ميكانيكة ذات كوخ في أعلاها يخرج منه طائر صغير أول كل ساعة ليقول لنا :”كوكو”.

نحن نعمل بشكل ميكانيكي، بدون إدراك لنتائج هذا العمل أو قيمته الإنتاجية النهائية، إنهم يخبرونك بأنك مهم، بأنه لا يمكن الاستغناء عنك، يخبرونك بأنهم يحتاجونك، لكنهم يخبرون ذلك للجميع من حولك، لكنك تشاهدهم يتخلصون من أي شخص لا يقوم بالعمل بالغباء الكافي، بالدقة الكافية، بالخضوع الكافي ليضمن استمرار عمل المنظومة، المنظومة التي تنتج المزيد والمزيد من المال لأصحاب رأس المال، هذا المال(القيمة) الناتج عن عمل الكثير من الموظفين، بشكل تلقائي ومستمر، بدون إدراك لقيمة العمل نفسه، بهدوء وصمت، يشعر كل منهم بلا جدوى ما يعمل، يأخذ كل منهم مبلغا دوريا من المال، يشعر أنه أكبر من قيمة عمله -حيث أنه لا ينتج الكثير حسبما يرى- هو يعيد نفس العمل بشكل متكرر، لا يحتاج للتفكير أو الإبداع، لا يحتاج لحل المشاكل، عمله هو أن يستمر في العمل نفسه، كل يوم، كل ساعة، إلى الأبد أو إلى أن يبلغ الستين من عمره -أيهما سبق- يتقاضى الموظف هذا المبلغ المحسوب بشكل دقيق لكي لا يؤدي به إلى الإحساس بأنه جزء من الطبقة الدنيا في المجتمع، هو موظف مرموق، يرتدي بدلة وربطة عنق، يقود مركبة جيدة، يحلم أن يقود واحدة أحدث منها في المستقبل، ولذلك يجب عليه أن يعمل أكثر، لينتج أكثر من أجل رأس المال، من أجل السيد الذي يملكه. في الطبيعة توجد تلك الحشرة المدعوة بالمن، تتغذى حشرة المن على أوراق الأشجار، يقوم النمل بحمل المن، نقله بين الأشجار، حمايته، ومن ثم يعود به إلى البيت، ليداعب بمجساته مؤخرة حشرة المن، لتقوم بافراز سائل سكري شبيه بالعسل، يتغذى عليه النمل، وعندما تتوقف الحشرة عن افراز هذا السائل اللذيذ، يقوم النمل بأكل الحشرة نفسها، التي كان يداعبها في اليوم الماضي، حيث أنها فقدت فائدتها بالنسبة له. تتجلى فائدة الموظف بالنسبة لرأس المال بأنه حشرة تفرز له السكر وتتغذى على الورق، وعندما تتوقف هذه الحشرة عن افراز مادته المفضلة، سيقوم بقضم رأسها وامتصاص روحها منها وتركها كغلاف فارغ مرمي بجانب المستعمرة.

يعرف كل من قام بزرع شجرة في يوم من الأيام، أو بأي عمل منتج بشكل مباشر، بأن قيمة العمل تتجلى في كون القيمة الناتجة عنه قابلة للقياس، قد تكون هذه القيم مادية أو معنوية في كثير من الأحيان، لكن ما يميزها في كل الحالات هو أن الشخص الذي يبذل الجهد العضلي أو العقلي المحتاج لهما العمل يستطيع أن يشاهد أو يستنتج قيمة العمل المبذول، وبالتالي فإن شعوره بالسعادة المنبعث من كونه عضو منتج في هذا المجتمع -أو العالم- سيتزايد بشكل طردي بالتناسب مع حجم العمل المبذول ونتائجه الملحوظة. في المقابل قد قامت المنظومة الرأسمالية للعمل بفصل العمل عن النتيجة، وذلك لخلق نوع من القيمة الوهمية للأجر مقارنة بالعمل، والذي أدى بالتالي لشعور العامل بأنه يأخذ ما لا يستحق، ويبذل جهده في ما لا ينفع، مما يؤدي لتعمق شعور الفرد في اللاجدوى من وجوده الفردي في المجتمع، وعليه يصبح ذهابه اليومي إلى العمل أشبه بجره إلى حبل المشنقة، والتي قد تبدو له في كثير من الأحيان خيار أفضل من هذا المسير اليومي إلى اللاشيء.

تؤدي حالة التحول من العمل بصورته الأولية -من زراعة وصناعة بسيطة وحرف- إلى صورته الحديثة -وظائف تقليدية في بنى مؤسسية ضخمة- إلى تعمق شعور الإنسان بإنعدام قيمته الذاتية وذلك كنتيجة طبيعية لفقده إدراكه بالنتيجة المباشرة أو القريبة لجهده المبذول، تتزايد هذه المشاعر السلبية حدة كلما زاد الفساد في المنظومة الإدارية التابع لها حدة، حيث أن نشر تقارير الأرباح والإنجازات وتقارير متابعة الخطط السنوية للمؤسسات تزيد من شعور الموظف بقيمة جهده المبذول -على الرغم من أنها لن تغير في واقعه- لكن من الممكن ملاحظة أن الموظفين في المؤسسات الأقل فساداً أكثر اعتزازاً بوظائفهم، وأكثر إجتماعية وسعادة مقارنة بأمثالهم في مؤسسات فاسدة. يؤدي تفشي هذه المشاعر السلبية في صفوف الموظفين، وتشكيل الموظفين للنسبة العليا من المجتمع، إلى ظهور مشاكل نفسية كثيرة جديدة على المجتمع، حيث أنك لم تكن تسمع بهذه المشاكل النفسية قبل تحول المنظومة إلى مدنيتها الحالية. تعتبر هذه المشاكل النفسية الجديدة مجالات إضافية لتسويق المنتجات المرتبطة بها حيث أن المنظومة الرأسمالية هي أفضل من يقوم بإعادة استثمار القيمة المنفقة على مكوناتها الفرعية.

في النهاية، ولأنني كاتب ملول، تقوم المنظومة على الحفاظ على حالة من الغباء الإجتماعي والإبداعي لدى الموظفين -المستعبدين- لديها، وهذا يتطلب منها الحفاظ على مسافة كافية بين الموظف والقيمة المنتجة من قبله والذي سيحافظ على احساسه بانعدام قيمة العمل الذي يقوم فيه، وبالتالي سيحافظ على شعوره الدائم بعدم الاستحقاق ومحافظته على نوع من الرضى السلبي في ما يحصل عليه، وهو ما سيحافظ عليه في حالة اللافعل -اللاثورة- الدائمة، والحفاظ عليه في صفوف المدافعين عن المنظومة حيث أنه يعتقد أنه في حالة انهيار المنظومة ستتناقص حصته من الانتاج لما يساوي حصته الحقيقية وهي الاقل -حسبما يعتقد- من حصته المستحقة. لكن في الواقع فإن قيمته الإنتاجية تفوق بكثير ما يحصل عليه، وهو ما يفسر القيمة المتراكمة في رأس المال والآتية من مجموع هوامش القيم للاعمال الفردية.
الشعور الدائم بعدم الإستحقاق لدى الأفراد المنصهرون في بوتقة المنظومة هو شعور منتشر يتجاوز الوظيفة والعمل وينتقل إلى شعور الشخص بعدم استحقاقه لأي شيء، وبالتالي يبدأ من المعاناة في علاقاته الاجتماعية والإنسانية، حيث أن شعوره الدائم بلا جدواه يؤدي لانخفاض تقديره الذاتي لنفسه وتفسير كل شيء آخر بصور قيمية مستنبطة من وجوده ونشوءه في هذه المنظومة الرأسمالية المعقدة والتي تؤدي بالمجتمعات إلى انسلاخ الروابط التاريخية والاجتماعية بين افرادها، واتجاههم الدائم نحو الانعزال والفردانية، وهو ما يودي بالمجتمع الى تفككه الى مكونات فردانية وضياع قيمة الجماعة العامة، وبهذا تبتكر المنظومة اسواقاً أخرى لاعادة امتصاص اكبر قدر ممكن من القيم الموزعة على الافراد وتعويضهم عن النقص الاجتماعي الذي اودت بهم فيه ممارسات المنظومة من الاساس. وإكتسابها نوع من المنعة ضد الفعل الجماعي الذي أصبح يواجه عقبات أكبر في نشأته من الأساس حيث أن الفردانية المنتشرة في المجتمع، وحالة الانطواء الجمعية والقلق الاجتماعي العام تشكلان عقبة نفسية في طريق أي فعل جماعي يحاول هدم المنظومة. وبذلك تكون الطبقة الوسطى قد قامت بدورها الأساس الذي إخترعتها من أجلها الرأسمالية، وهي حماية الرأسمالية من بطش الفقراء.

عن ثنائية الحب الفلسطيني والمقاومة.

لا يستطيع الفلسطيني التذكر إن كان قد مر عليه يوم في هذا التاريخ لم يكن محتلاً فيه، حيث أن توالي الإستعمارات المتعددة على هذه البقعة في الأرض كافٍ لمسح أي ذاكرة جمعية عن يوم تكون الحرية فيه تامة، وأصبح الفكر الجمعي يفاضل بين الإحتلالات المختلفة، والتي يتفق على أننا نقع اليوم تحت أسوأ احتلال منها، ونمتلك أسوأ قيادة شعبية في تاريخنا الفلسطيني. وحيث أن الإحتلال والظلم هو أمر راسخ في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، فقد نشأ هذا الإرتباط العاطفي مع كل من يقاوم هذا الظلم ويحاربه، نوع جديد وجميل من الحب.

عندما دخل أفراد منظمة التحرير إلى البلاد، بعد اتفاق اوسلو -سيء السمعة والصيت- خرج الشعب عن بكرة أبيه ليستقبل العائدون، كانوا مقاتليننا الذين رجعوا للبلاد، كنا نحبهم، جميعاً، نحبهم لأنهم قاتلوا، نحبهم لاعتقادنا الشعبي الجامع أنهم سيقاتلون هنا من أجلنا، كما قاتلوا هناك، لم نكن نعلم ما سيحصل، لم يكن مهما ما سيحصل لاحقا، المهم هو انه في تلك اللحظة، عندما كانوا مقاتلين عائدين الى البلاد، كنا نحبهم.

سنة 2000، عند اعلان الجيش الاسرائيلي انسحابه من جنوب لبنان، كل العيون كانت مثبتة في شاشات التلفاز، كان يبث على الهواء مباشرة، نقلاً عن احدى قنوات الاحتلال حيثيات الانسحاب من الجنوب، كنا نشاهدهم يهربون، يفجرون ما لا يستطيعون تفكيكه، يغادرون البلاد، كانت البلاد تشبه بلادنا، كان الجنوب فلسطين، وفلسطين كانت الجنوب، كنا نرى التحرير عبر شاشات العدو، وكنا نحب المقاتل الذي أخرجهم من البلاد.

الحب الذي يحمله الفلسطيني تجاه فعل المقاومة يظهر في كل شيء في حياته، في أغاني أفراحه، في لبسه اليومي، في العاب الأطفال وتصفيفة الشعر، في فترة الإنتفاضة انتشرت موضة البناطيل العسكرية، التي كانت غالبية الشباب -ذكوراً وإناثاً- ترتديها بالاضافة لقميص قطني -تي شيرت- بلون غامق عادة، مما يحاكي في مظهره لبس الغالبية العظمى من المقاتلين في المنطقة، كان المقاتل يسير بيننا، مكشوف الوجه معروف الإسم، ممتشقاً سلاحه، وكنا كلنا نراه كرب يتمشى بيننا، كنا نحبهم لإنهم يطلقون النار، كنا مغرمون بهم، نحاول أن نشبههم في كل شيء، وحين يستشهد أحدهم، كنا كلنا نبكيه، ونسير كلنا في الجنازة، لم يكن يهم من هو هذا الشهيد أو لأي فصيل ينتمي، كان شهيدنا كلنا، وكنا كلنا نحبه، كان نحن في رواية أخرى، لو أننا اكبر قليلاً أو لو أننا استطعنا الحصول على السلاح.

تمت صناعة اول صواريخ فلسطينية في غزة سنة 2001، ظهر وقتها صاروخ قسام واحد، كان صاروخا عبثياً -كما وصفه الكثيرون- لم يكن يجيد السباحة في الهواء، من غير الممكن توقع مكان سقوطه، يصفر بطريقة مضحكة، لكننا أحببناه، أحببنا من صنعه ومن أطلقه، أحببناه أكثر عندما تطور، اصبح يجيد السباحة الآن، كبر صاروخنا الصغير المتعثر، وكبر حبنا له ولكل من ساهم في صنعه وتطويره واطلاقه، لكننا نؤمن حتى اللحظة، أنه ينطلق نحو هدفه بفعل الحب الذي نحبه له، لم نتفق مع أفراد حركة حماس كثيرا في الواقع، كان زملائي المنتمين لها يتهموننا بالكفر والالحاد، وكنا نتهمهم بالتطرف والتزمت، لكن في النهاية كنا فلسطينيون، كنت احتمي في بيوتهم ويحتمون في بيوتنا، كل البيوت كانت بيتي، وبيتنا بيت للجميع، لأننا نحبهم ويحبوننا عندما نقاوم. 2005، خرج العدو من غزة، كنا نشاهد، 8 ايام من الرحيل المستمر للمستوطنين، انهم يهربون، يهربون حقاً، وفي نهاية الانسحاب كل القلوب كانت تدق مع مشاهد الاحتفالات في المستوطنات المحررة. التحرير يقترب أكثر هذه المرة، ونحن نحب المقاومة ونعشق غزة.

نعم، لقد غمرنا الحب في كل مرة كنا نرى أو نسمع عن استهداف للإحتلال، دبابات الميركافا المدمرة في جنوب لبنان، محاصرتهم في الشجاعية، صواريخنا تضرب حيفا، أو تل أبيب، استهداف ساعر خمسة، عمليات تبادل الأسرى، خطف الجنود، كل قذيفة هاون تدك الغلاف، في كل مرة كنا نقع في الحب، حب ليس يشبه أي حب آخر، حب عميق بين الفلسطيني، والنار، النار التي تحرق الأعداء كما احترقنا بها منذ ما يزيد عن المئة عام.

يتهمنا الكثير بالإنعزالية، يقولون لنا بأن الدم الفلسطيني ليس أثمن من باقي الدماء، أتفق معهم، ليس دمنا مميزاً عن دمكم، لكن لولا أن دمنا يسفك منذ مئة عام واكثر، لما سفك دمكم، الإحتلال هو السبب الرئيسي لكل ما يحدث في المنطقة، وفي حالتنا الفلسطينية، إننا نحارب من أجلكم جميعا، في الوقت الذي تحاربوننا وتحاربون أنفسكم فيه، ولهذا فإننا بكل بساطة، سنحب كل من يوجه السلاح الى العدو الحقيقي، الى الإحتلال، الإمبريالية، والرأسمالية العالمية، حيث أن كلها في المحصلة شيء واحد، هل يجب أن أتفق مع كل شيء يفعله المقاوم، لا ليس بالضرورة، في الواقع ولو استثنينا الاحتلال من الصورة، قد امتلك أسبابا لرفع السلاح ومواجهة حليف اليوم أكثر من الأسباب التي تجعلني أحبه، لكنني لا أستطيع استثناء الإحتلال من هذه الصورة، وبوجود الإحتلال، لا يوجد أي شيء في الكون يستطيع تفريقي عن من يقاومه، كائناً من كان، ولو كان الشيطان شخصياً، وعندما ينتهي، قد يختفي الحب، قد نعيد التخندق، وقد لا يكون أي شيء من هذا مهما في ذلك الوقت.

بكل بساطة الكون، لا يمكنك أن تكون فلسطينيا بدون أن يقفز قلبك من مكانه كطفل مع كل خبر عن كل عملية إستهداف لهذا الإحتلال، وبكل بساطة جدتي عندما تقول: “الله يحميهم ويعمي عنهم” وهي بكل سعادة الكون. جدتي هي الفلسطيني بحالته الطبيعية، بكل الحب الفطري لكل من يقاوم. الحب العابر لكل الايدولوجيات، كل العقائد والطوائف، كل السياسات والأحزاب، المتجاوز لكل الخلافات، الحب بصورته المجردة، ما بين مظلوم منذ الأزل، ومدافع عنه، بدون تحديد ولا تعريف، كل من قاوم، في كل موقف، في كل مكان، تحببه جداتنا، ونحن نحب من يحببن.

عن الذهاب المستمر إلى البلاد، العودة الدائمة والوصول المؤقت.

منذ أن وقعت أرضنا الفلسطينية تحت هذا الاحتلال الإحلالي، ومغادرة الكثير من ابناء شعبنا الفلسطيني لبلادهم السليبة، وحلم العودة إلى البلاد يجول على الدوام في خاطر كل فلسطيني أبعد عن أرضه قسرا، ومنذ البدايات وعمليات التسلل الى البلاد تؤرق هذا المحتل وتدفعه للبحث عن المتسللين وايقاف عمليات التسلل، التي لم يكن من الضرورة أن تكون لهدف نضالي حتى تسبب مشكلة لهذا الاحتلال، حيث يكفي للفلسطيني ان يحافظ على ارتباطه المكاني والعاطفي مع الارض لكي يخلق معضلة وجودية للمحتل الذي يحاول أن يحل مكانه، فوجود الفلسطيني المرتبط بالمكان يهدد هذا الاحتلال وجوديا كما يهدده الفلسطيني المقاتل تماما.

ومن هنا جرت قداسة الرحلة الى الأرض السليبة، الرحلة التي تخاطر بكل شيء في سبيلها، أن تضع حياتك ومستقبلك في سبيل رشفة ماء من عين البلد، حفنة تراب من ارض القسمة، حبة رمان من رمانة الحوش، او نفس هواء من هواء البلاد المقدس.

يتعرض الفلسطيني في رحلته المستمرة الى البلاد لمختلف المخاطر الممكنة، حيث أن اطلاق النار عليك أو احتجازك وأسرك هو أمر وارد الحدوث، على الرغم من سهولة الدخول النسبية -في الوقت الراهن- والذي يعزيه الجميع لنوع من محاولة تخفيف الضغط على الفلسطيني خوفا من انفجاره المحتوم، ومحاولة لانعاش الاقتصاد الراكد من وقت بداية الجائحة -وهي محاولة غبية برأيي الشخصي حيث أن الفلسطيني الحق لا يقوم بصرف امواله في الداخل-.

ان التسلل الى البلاد بالنسبة للفلسطيني هو تلك العودة المؤقتة للبلاد الحلم، وقد قام الفلسطيني منذ الازل بالتسلل الى فردوسه المفقود، من خلال الفتحات حاليا، من “طريق اللفة” سابقا، من داخل عبارات الصرف وقفزا عن الجدار، الفلسطيني يذهب على الدوام الى بلاده. في طقس روحي مستمر من العودة المؤقتة، تدريب مستمر للعودة الدائمة بديلا عن هذا الوصول المؤقت.

يذهب الكثير من “المرضي عنهم”، الى الداخل عن طريق تصاريح خاصة، بطاقات شخصيات، وتصاريح تجار، وبالعادة يكون هؤلاء من المرضي عنهم او من كبار المسؤولين في منظومة السلطة أو حركة فتح، حيث أن الارتباطين العسكري والمدني وهما اجهزة اصيلة في منظومة السلطة مرتبطان بشكل اساسي مع العدو الاسرائيلي بشكل مباشر، ومن المهزلة بمكان أن من اساسات سلطة تدعي نفسها بالوطنية هو انشاء اجهزة وظيفتها المعلنة هي العمالة وتبادل المعلومات مع اجهزة الاحتلال الامنية والادارية ولكن هذا حديث لوقت لاحق.

سيعود الفلسطيني الى ارضه المسلوبة، سيرجع وهو يحفظ طرقها بالقلب، لن يتوقف ليسأل أحدهم أين الطريق الى البلاد، فهي الطريق المستمر، وهو ابنها العائد على الدوام.

الإستعداد للموت من أجل الحياة، والحالة الذهنية السائدة في حالة الاشتباك مع القوى القمعية.

يسود في حالات الإشتباك الجماعي في مواجهة السلطات حالة من عدم الإدراك لخطورة المعركة القائمة، حيث لا يتوقع الجمع البشري أن تقوم السلطات باستخدام القوة بغرض القتل -في العادة- ضد هذه الجموع البشرية المطالبة بالعادة بأمور تتعلق بمستقبل المجتمع ككل، وحيث أنه من الصعب لدى هذه الجموع عزل الأفراد المستأثرين بالسلطة عن الجسم المجتمعي نفسه، حيث أنهم يكونون -عادة- نتيجة افرازات داخلية مختلفة -أو دملاً في مؤخرة المجتمع- فإن المجتمع كما هو الانسان يفضل التعامل مع هذا المفرز الداخلي بدون الاتجاه نحو الحل الراديكالي الكائن بالبتر والاجتثاث لكل ما هو مريض.

في الواقع قد تبدو السلطات مسالمة تارة وعنيفة أخرى في محاولة لامتصاص حالة الغضب الشعبية من خلال استخدام نظرية العصا والجزرة، فقد يقوم عناصر قوى الأمن بتكسير عظامنا بهراواتهم وخنقنا باستخدام الغاز في مرة، وتوزيع الماء البارد على المتظاهرين في المرة التالية، وتعتبر هذه الافعال بشكل عام أفعالا مدروسة وممنهجة من أجل بث الخوف من الخروج ضد السلطات، وابقاء السلطات في خانة الشعب في ذات الوقت، حيث أن ظهور العنصر الامني في مظهر المنتمي للمجتمع والمهتم بسلامة أبنائه هو في الواقع محاولة للحفاظ على المجتمع في حالة اللا عداء للمنظومة، والحفاظ على الشعرة التي تحافظ على أمن المنظومة وتحميها من الانهيار في وجه العنف الثوري واللذي سوف يظهر فور تحول هذه المنظومة الى خانة العدو في وعي الشعب الجمعي.

تعتبر حالة المظاهرات الدورية المستمرة باتجاه محدد، أقرب الى حرب الاستنزاف منها الى المعارك التقليدية، حيث يحاول كل طرف من الاطراف انهاك الطرف الاخر وإصابته بالارهاق النفسي والاقتصادي، وفي العادة يكون الشعب البسيط هو الأضعف في هذه المعارك ما لم يكن هناك قيادة جامعة للفعل الجمعي، أو أفراد واعين لطبيعة المعركة ومستعدين للحفاظ على استمراريتها مهما بدت طويلة ومتعبة، حيث أن استمرارية حالة الاستنزاف هذه سوف تؤدي في السلطات لاتخاذ خطوات غبية -وهو ما يحدث دائما- لمحاولة انهائها والعودة الى حالة الاستقرار النسبي السابقة.

على الرغم من ادراك النواة المحركة لحالة التوتر الجمعي لضرورة انتقال المعركة من حالة الاستنزاف الطويل الأمد الى حالة الاشتباك والمواجهة المباشرة، لكن عملية الانتقال هذه قد تكون عملية معقدة في حالة تم الاستعجال بها قبل أن ينضج الشارع، وحيث أن الشوارع عاطفية بطبيعتها، فإن عملية بناء وعي ثوري جمعي قد تكون أبطأ مما يمكن تطبيقه، يبقى على هذه النواة أن تعمل على ابقاء حالة التوتر السائدة، ومحاولة رفع مستوى التوتر -تدريجياً- والمراهنة على غباء وقصر نظر الجسم السلطوي والذي سيقوم من خلال ممارساته الغبية بتسريع عملية إنضاج الحالة الشعبية المعادية له، ويعتبر أكبر المحفزات لحالات اكتمال الغضب الشعبي في تاريخنا الفلسطيني خاصة والثورات الشعبية في العالم عامة هو الدم، عندما يفقد المتسلط السيطرة على نفسه لبضع لحظات، ويقوم بكل غباء القوي بفتح نيرانه على الجموع البشرية الخارجة للمطالبة بحياة ومستقبل أفضل.

من هنا قد يبرز السؤال الأعقد في هذا النص -وربما في الخروج الدائم الى الشارع ايضا- وهو هل نحن مستعدون للموت؟ وهل من المجدي أن نموت من أجل أن ينضج الشارع ويعي أن منظومات القمع لم ولن تكون جزءا من نسيجه المجتمعي؟.

في الواقع إن السير إلى حياة أفضل هو مشي بثبات في وسط حقل الغام، وعلينا أن نضع امكانية موتنا في الطريق الى هذه الحياة نصب أعيننا على الدوام، وأن نكون على أتم الاستعداد في كل مرة نتوجه بها الى الشارع لأن نواجه بطش منظومات القمع البوليسية، والثبات على الدوام في وجه القوة الغاشمة، أن نموت واقفين بهدوء، باطمئنان لأن هذا الموت سيذهب بالآخرين إلى مستقبلهم الأفضل، أن نموت لأن موتنا هو الحل الوحيد الذي يؤدي بهذه المعركة إلى الإكتمال، آملين أن ينتصر الباقون.

عن المقاومة، الاحتلال والتحالفات المختلفة.

في ظل صعود الأبواق المتعددة في هذا الوقت المصيري من تاريخ الصراع الدائم بين الظلم والإستعمار وقوى التحرر والمقاومة، ومحاولة قلب البوصلة بعد أن توجهت إلى طريقها الصحيح وبكل وضوح وتحديد، وعلى الرغم من عدم رغبتي في الخوض في الحديث في المواضيع المستنقعية المطروحة من الجهات المختلفة لكنني لا أجد بدا من الحديث في هذا الوقت بالذات وذلك لمحاولة قطع الطريق – على الرغم من ضآلة الفعل الذي أقوم فيه من خلال هذا الحديث – وكلي أمل أن يساهم الرأي الذي أدلي به هنا في توضيح ما استلبس أو ما غم عن غيري.

نحن ابناء هذه الجغرافيا والتاريخ الرابضين في قلب العالم ومنذ الأزل كنا هدفا دائما للحركات الاستعماريةالمتعددة باختلاف مراكزها واطماعها، مما أدى لتحول بلادنا الممتدة من مياه إلى مياه، من الشرق الى الغرب إلى ساحة حرب أزلية، وعليه فإنني أكاد أجزم أن أول مقاومة في التاريخ قد ولدت هنا ووجود المقاومة والحركات التحررية – والتي وجدت قبل حركة فتح بكثير، وعلينا هنا أن لا نقع في المغالطة التي تربط الحركة التحررية بمفهوم الحزب السياسي في الوقت الحالي فإن أي توجه شعبي محلي للتخلص من الاستعمار هو حركة تحررية – يضع هذه الحركة في الصف نفسه مع كل الحركات التحررية الأخرى التي تقاتل ضد الاستعمار وخاصة لو كانت تقاتل ضد نفس الحركة الاستعمارية، ومن هذه النقطة برزت التحالفات بين حركات التحرر المختلفة، ووجود هذه التحالفات ضد العدو المشترك يؤدي بالضرورة الى تجاهل التناقضات والخلافات مرحليا في ظل ديمومة الصراع، وهذا التجاهل لا ينفي وجود الخلاف او التناقض لكن كون الحرية هي الهدف الأسمى للحركات التحررية فإن الخلافات تضحي هامشية في ظل الصراع مع الاستعمار. وكلما ازدادت قوة الحركة الاستعمارية وسيطرتها على الأرض كلما ازدادت حاجة الحركات التحررية لتحالفات استراتيجية تضمن تطور وزيادة قدرة هذه الحركات على ايقاع الخسائر في الجسم الاستعماري التوسعي، وحيث أن كل الحركات الاستعمارية رأسمالية بالضرورة، فإن الرأسمالية العالمية هي العدو المشترك لكل حركات التحرر في هذا الكون، وحيث أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب هم رأس الرأسمالية العالمية، فإن ذلك يتضمن أن حركاتنا التحررية تقف في نفس الخندق مع جميع اعداء الغرب. وحيث أن الإحتلال الاسرائيلي هو امتداد واضح للغرب الاستعماري، كما الانظمة الخصية المتحكمة في مصائر شعوبنا في جميع أماكن وجودها، فذلك يتضمن وجود هذه الأنظمة والإحتلال في نفس الخندق مع الرأسمالية العالمية أو أنها جزء لا يتجزأ منها.

وعليه وسحبا للحديث الطويل السابق على المعركة الأخيرة، فإن من الواضح أن المقاومة الفلسطينية تحارب في خندق واحد مع جميع حركات التحرر العالمية، على الرغم من وجود أي تناقضات أو خلافات فإن هذه التناقضات في ظل هذه المعركة هي تناقضات هامشية. وإنه لحق على حركاتنا التحررية أن لا تنكر فضل كل من قدم الدعم مهما كان اختلافها – أو اختلافنا معه – وحيث أن الصفوف قد تستشكل على البعض – لأسباب لا يجهلها الكثير – فإنه من مصلحتنا العامة أن نقوم بتبسيط الصفوف بكل بساطة، نحن كفلسطينيين نحارب من أجل الحرية، عدونا الأساسي هو الإحتلال الاسرائيلي ومركزه المتمثل بالغرب الاستعماري، وأن كل عدو لهذا العدو الأساسي هو صديق لنا مهما كان تناقضنا معه، وكل صديق له هو عدو لنا، وحيث تقاطعت مصالحنا مع أعداء هذا الكيان الوظيفي ومركزه الاستعماري فإن ذلك لا يعني ذوابننا في تحالفاتنا أو توحدنا في ظل المسائل الأخرى خارج مسألة الصراع مع العدو، لأن الحرية واحدة والعبودية شتى.

عن أثر التنازلات الفردية الطفيفة على مستقبل الجماعة

عن أثر التنازلات الفردية الطفيفة على مستقبل الجماعة، في نقاش بسيط بيني وبين رفيق لي حيث تمت مهاجمة موقفي الراديكالي من أي تعامل لأي فرد مع الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته، حيث دار النقاش حول موقفي الرافض لأي نوع من التنازلات، بدءاً بزيارة البلاد عن طريق استصدار تصريح دخول أو تأشيرة  وصولاً إلى التعامل المباشر مع مؤسسات الاحتلال الثقافية والاجتماعية، والتعامل التجاري، الأكاديمي، الثقافي، السياسي والمجتمعي. حيث أخذ الرفيق المذكور أعلاه موقفاً مبرراً للتنازلات الفردية المتمثلة في زيارة البلاد والأقارب عن طريق استصدار تأشيرة أو تصريح دخول وموقفاً متلطفاً من زيارات المجموعات الثقافية والفنية للبلاد وذلك لأن ” الناس بدها تعيش”، وطارحاً الكثير من الأسباب الإنسانية المقنعة لهذه التنازلات الفردية، وحيث أنني لا أجد في نفسي شخصاً جديراً في أن يفرض رأيه على أحد، فإنني وقبل أن أقوم بتوضيح وجهة نظري أشير إلى أنني لا أوجه إصبع الاتهام إلى أحد، ولا أوجه لومي وانتقادي لكل من قرر أن يعيش عن طريق تقديم أي نوع من هذه التنازلات أو المشاركة بها، ولكنني أقدم رأياً فردياً خاصاً، والذي قد لا يكون صحيحاً بالضرورة.

قبل ما يزيد عن ال 10000 سنة وخلال العصر الجليدي الأخير كانت الذئاب تجوب العالم بحثاً عن الطرائد، حيث شح الغذاء وعاشت الذئاب في تلك الحقبة مرحلة صعبة حيث كانت ندرة الطرائد وصعوبة الوصول إليها إحدى المعضلات التي واجهتها هذه الحيوانات، وتتميز الذئاب عن الكثير من الحيوانات بنظامها الاجتماعي الاستثنائي حيث تعيش في قطعان منظمة بطريقة مثيرة للاهتمام وتحمي مناطق نفوذها ومحيط وكرها، وتدافع عن أرضها بشراسة تثير الإعجاب، ولا تقبل الذئاب التعدي على مناطق نفوذها، ولا تتهرب من المواجهة، ولكن في تلك الفترة قررت بعض الذئاب أنها ” بدها تعيش ” وبدأت تحوم حول التجمعات الإنسانية ملتقطة بقايا طعام البشر التي تستطيع الحصول عليها، وبهذا التنازل الطفيف والتحول من حصولها على الغذاء بنفسها عن طريق الصيد إلى الإقتيات على فضلات البشر بدأت قصة التحول المحوري في حياة هذه الذئاب.

لاحظ البشر وجود الذئاب المفترسة من حولهم، بل ولاحظوا أن هذه الكائنات التي كانت مفترسة شرسة في السابق، تحاول تفادي الاحتكاك العنيف معهم، وتبحث في فضلات موائدهم عن طعام يبقيها فأدرك الإنسان أن هذه الذئاب الرهيبة قد عضها الجوع حتى عضت على كرامتها وبدأت في التنازل عن مبادئها مقابل الحياة، وعندها بدأ الانسان بدوره الرئيسي في تحويل الحيوان المفترس الخطر إلى مدافع رئيسي عنه وعن ممتلكاته، فبدأ بالاحتفاظ بفضلات الطعام وتقديمها للذئاب بيده، وإعطاء الحصة الأكبر للذئب الذي يقوم بطلب المساعدة منه، وحرمان الذئاب التي أنفت التعامل مع البشر منه، ومن ثم بدأ الإنسان يقرر من يبقى ومن يموت من هذه الذئاب، حيث كان يختار الذئاب الوفية، المستسلمة له، ويتخلص من كل من تسول له نفسه أن يتوحش، ومع مرور السنين تغيرت الذئاب وأظهرت الصفات التي تناسب البشر من وفاء ووداعة وطاعة عمياء، وفي النهاية استطاع البشر تحويل الذئب المفترس الى كلب بودل، بسبب سلسلة من التنازلات الطفيفة التي قدمها افراد من هذه الذئاب، فقط لأنها “بدها تعيش”.

في رأيي الشخصي لا يجب على أي فرد من أفراد الشعب الفلسطيني، تقديم أي نوع من التنازلات الطفيفة هذه، لأي سبب كان، وإن لم يكن من خيار سوى أن نموت، فليكن ذلك، من الأفضل لنا أن نموت ذئاباً على أن نحيا ككلاب بودل وديعة، لا شيء في الدنيا يمكن أن يبرر تقديم التنازل لمحتل يحاول تدجيننا في كل فرصة، يجب علينا أن لا نخرج هذا العدو من موقعه الطبيعي كشوكة في خاصرة كل فرد منا، تمنعنا من أن نحيا حياة طبيعية نصبو إليها، من أن نلتقي أحبابنا وأن نرى بلاداً أخرجنا منها، من أن نأكل وأن “نعيش” وأن نحلم، فعندما يفقد الذئب أي خيار للحياة، عليه أن يقاتل ليحصل عليها. وعلينا أن نختنق وألا نرى سوى البندقية طريقاً “عشان نعيش”.

كلب وذئب جنبا إلى جنب